الأحد، 23 ديسمبر 2012

عقدة اللسان العربي

منذ بضعة أيام شاهدت عائلة عربية مؤلفة من أب وأم وطفلة صغيرة لا يتعدى عمرها السنة ونصف، تدخل الى مقهى صغير وتجلس على مقربة مني. 


يتحدث الأبوان اللغة العربية بلهجة بيضاء. تعبث الطفلة بكل ما تطاله يداها الصغيرتان. تغضب الأم وتبدأ بتأنيها...باللغة الانكليزية. الجدير ذكره هنا أن الأم لا تتحدث اللغة الانكليزية بطلاقة ولا حتى بطريقة صحيحة فهي تبحث عن الكلمات بجهد كبير لتخبر الصغيرة أنها ستخبر "دادي" اذا لم تتوقّف عن العبث وأنها "هاز تو ستوب يا مامي"... بصراحة أنا استغربت للموقف، خصوصاً أن الفتاة ما زالت بعمر لا تقوى فيه على الكلام بل تصدر أصواتاً غير مفهومة تتحدّى فيها الأم. بحثت عن الاجابة لسؤال "لماذا؟" أو كما ستقوله الأم: "هواي" (بالتشديد على الهاء) من الاحتمالات التي وردت على ذهني أن حين ولدت الفتاة جاءت معها مذكّرة تقول: "هذا المنتج لا يتحدّث الاً لغة الافرنجة. يُرجى مراعاة هذه المسألة." 


على فكرة، هذه ليست المرة الأولى التي أصادف فيها هكذا موقف؛ لقد صادفت عائلات عربية لا تتحدّث مع أولادها اللغة العربية بتاتاً حتى أن الأطفال يُدرجون في المدارس في حصص اللغة العربية المخصّصة للأجانب. يا سخرية ما بعدها سخرية... 


أعرف أن استخدامنا لللغتنا بات شحيحاً في دبي...خصوصاً في مجال العمل والاجتماعات، ولكن بالله عليكم لا تتحوّلوا الى أضحوكة وأنتم تخرجون من عبائتكم لتصبحوا عراة بلا غطاء بينما تحاولون أن "ترتقوا" بأطفالكم الى مستوى مرموق من اللغة الانكليزية الضعيفة.





الثلاثاء، 6 مارس 2012

الزيتون: قصة رومنسية عنيفة

أحياناً تضحكني الترجمة الحرفية، ولكني لم أستطع أن أغيّر عنوان رواية الكسندر مكناب Olives, A Violent Romance الى كلمات أخرى.
لقد انهيت قراءتها منذ بضعة اسابيع ولم أستطع أن أكتب هذا التقييم حتى الآن، ربما لأنها قريبة جداً على قلبي وتعنيني بشكل خاص، أو ربما لأنها حظيت بالكثير من المراجعات والتقييمات فأحسست أن ما أريد أن أقوله قد قيل من قبل وباسترسال.
ولكني أود ان أطرح بعض الملاحظات التي لفتتني في هذه الرواية والتي لم يطرحها أحد؛ هي رواية رومنسية بامتياز، جرت أحداثها في الأردن وفلسطين...تتطور أحداثها ببساطة وسلاسة فتجد نفسك تقرأها في جلسة أو جلستين، تاركة أثر لذيذ في مخيلتك.
تعبق الرواية بالرومنسية على مختلف المستويات:
الرومنسية بين رجل وامرأة، بين شخص وأرضه، بين أفراد العائلة الواحدة، بين عجوز وذكرياتها، وبين شعب ووطنه.
كل علاقة من هذه العلاقات تشكل خيطاً في الرواية، ومع الوقت تتشابك هذه الخيوط فتجتمع تارة وتبتعد طوراً، ويبقى القارئ هو المراقب المتمحّس لحركة هذه الخيوط وانسجامها مع بعضها بعضاً. هي رواية واقعية وتطرح قضايا حقيقية مثل تهجير الشعب الفلسطيني، أو عيشه في ظل الاحتلال، أو قضية المياه بين الأردن واسرائيل والتي لا تطرحها وسائل الاعلام العربية كما يجب. رواية جريئة جداً، أنصح بالمحافظة على عقل متفتح ومتقبّل خلال قراءتها.
تكشف الرواية عن "مسألة" نتغاضى عنها في مجتمعاتنا العربية وهي العلاقة بين فتاة عربية وشاب "أجنبي" أي غربي من ديانة مختلفة. لا تتطرق الرواية الى "معالجة" هذه المسألة، ولا حتى توليه أهتماماً كبيراً؛ فلا نرى أي عواقب تنتج عن علاقة بول ستوكس (بطل الرواية الانكليزي) بعائشة ديجاني (الفلسطينية) وهذا ما يجعلها أكثر سلاسة وتقبّلاً خصوصاً أن عائلة عائشة لم تعترض هذه العلاقة بل رحبت ببول كالابن الضال.
الّا أن الجانب المؤثر من الرواية بالنسبة لي، أو الأكثر تأثيراً، هو قصة مريم. مريم هي العجوز التي رفضت أن تترك أرضها في عام 48، لتدير بالها على شجر الزيتون. هناك علاقة غريبة جداً بيني أنا شخصياً وشجر الزيتون في فلسطين. نحن لم نلتق من قبل الا أنه له عندي مكانة كبيرة في قلبي، ربما لأنه يحمل همّنا وزيتنا.
لفتني أيضاً في الرواية انتباه بول لملابس عائشة؛ فهو يصفها كلّما رآها، من رأسها الى أخمص قدميها. أستطيع ان أرى في مخيّلتي الآن مجموعة ملابس عائشة الفاخرة والمتناسقة. أحببت هذا الجانب من الرواية واستعذبت خفّته.
أنصح بقراءة Olives وأتمنى أن أراها قريباً باللغة العربية، ومن يدري؟ ربما تتحول الى فيلم سينمائي في يوم من الأيام.
يمكنكم معرفة المزيد حول هذه الرواية هنا للحصول أيضاً على نسختكم الالكترونية عن طريق أمازون.


الأحد، 12 فبراير 2012

على حمزة كاشغري أن يموت

كل صباح، أفتح الانترنت، أشاهد عناوين الأخبار، أفتح صفحة تويتر وأراقب الناس: منهم من يفضي ما بخاطره، منهم من يشاركنا لحظة سخيفة عاشها، ومنهم من يُخرج أحشاءه على الملأ فخوراً بشجاعته، وهناك من ينقل الأحداث والأخبار...يغرق قلبي في بحر سوداوي ...أعمل ريتويت لتويت غاضب ويكون "ريتويتي" أكثر غضباً ..أعبّر عن دهشتي وألمي ولكن ما خفي كان أعظم. هناك تغريدات تنقل أعداد الموتى في مكان عربي ما...وأخرى "تُعقلن" الجريمة، فنحن تحت وطأة مؤامرة غربية فظيعة، ولا يسعنا غير المزيد من القتل وسفك الدماء. أشاهد أحدهم يغرّد للنبي محمد وتقوم الدنيا ولا تقعد. وجب قتله. باسم حب الرسول وحب الاله الأعلى عليه أن يموت، تنتهي حياته ذات الثلاثة والعشرين ربيعاً عند تغريداته. ما قاله قد يوقف الأرض عن الدوران، ويغيّر منظومة الكون، وقد ينتج عن ذلك زوال الأرض تحت وطأة تغريدات من هذا العيار. هذه التغريدات تؤذينا أكبر أذية ونحن نعاني من حساسية مرضية لهذا النوع من الحوار والحديث. لا مفر. على حمزة كاشغري أن يموت حتى نحيا بسلام. وجوده على هذه الأرض لم يعد محتملاً. يتكون جروب على فايسبوك من 9000 شخصاً مطالبين بقتله. ولم لا؟ وقد تطاول على من رد السيّئة بالحسنة؟ على من أحسن معاملة من وضعت له القمامة على باب داره. فالرسول لا يحتمل هذه النوع من التغريدات وعلينا أن ننتقم. فلنزهق روحاً...ولنجعله عبرة لمن لا يعتبر ومن تساوره نفسه أن يغرّد للرسول، أهذا هو ديننا الحنيف؟ ألم يتحدّث الرسول مع أحد؟ ألم يتقدّم أحد مستفسراً أو مصافحاً الرسول ومبتسماً له؟
فيا 9000 عضواً الذين تطالبون بموته لا تسكتون عن الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس!! .
وأنتم يا سادة يا من تحمون الدين والأنبياء شياطين ناطقة! تقتلون البشر والدين.
كفانا نفاق وكفانا موت. فكم خرسناً حين كانت الكلمة ممكنة لوقف الظلم؟ وكم ارتدعنا عن فعل الصواب بسبب الخوف. كفانا يا عرب يا كرام